حقل لزراعة الأناناس في بيرو حاق به الدمار من جرّاء إعصار "ميتش".3 سبتمبر/أيلول 2009، جنيف/روما - مع
تزايُد حِدة التقلّبات الجوية ووتيرتها بسبب ظاهرة تغيُّر المناخ، أضحت
الزراعة باعتبارها إحدى أكثر الأنشطة البشرية إرتباطاً بحالة الطقس تعتمد
بقوة على خدمات الأرصاد الجويّة الفعّالة كضرورة لإنجاح جهود التخفيف من
وطأة التغيُّرات المناخية والتكيُّف لتبعاتها، طبقاً لأحد كبار خبراء
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "FAO" في تصريحٍ اليوم.ويؤكد
الخبير ألكساندر مولِر، المدير العام المساعد مسؤول قطاع الموارد الطبيعية
لدى المنظمة "الفاو"، أن "التكاليف الاقتصادية المُترتّبة على الكوارث
الطبيعية بما في ذلك التطرّفات الجوية في الطقس قد زادت بمقدار 14 ضعفاً
في قطاع الزراعة منذ الخمسينات". وكان خبير المنظمة يتحدث خلال المؤتمر
العالميّ الثالث لبحث تغيُّر المُناخ "WCC-3" المنعقد هذا الأسبوع في
مدينة جنيف السويسرية.
إطارٌ دولييستهدف
مؤتمر جنيف المنعقد حالياً إرساء إطارٍ دوليّ لتوجيه تطوير خدمات المناخ،
بغية ربط التنبؤات والمعلومات المناخية المُستنِدة إلى الاستقراء العلمي
بعمليات إدارة المخاطر المناخية وجهود التكيّف لتغيُّر المناخ وتقلُباته.
وقد أعلن المؤتمر العالمي الثالث لتغيُّر المناخ أن مباحثاته تنصبّ
تحديداً على دور المعلومات والتنبؤات المناخية في خدمة اتخاذ القرار، من
خلال التركيز على التقدّم العلمي في مجال التنبؤات الفصليّة والتوقّعات
المناخية في حدود سنة زمنية "interannual"، مع وضع إمكانيات التنبؤ
العَقدي المُتعدد "multi-decadal" في الاعتبار.وفي الوقت الذي
يتعاظم فيه دور القطاع الزراعي في مجالات إنتاج الغذاء، والأعلاف،
والألياف، والطاقة لا مناص من أن تحوز التحديّات الماثلة في تأثيرات الطقس
المُزمنة والحادّة على انتباهٍ متزايد.وتشكَّل الزراعة اليوم مورد
معيشة رئيسيّاً لما لا يقل عن 70 بالمائة من فقراء العالم، ومعظمهم من
صِغار المُزارعين والُرعاة وصيّادي الأسماك وسكان الغابات، من رجالٍ ونساء
بما في ذلك المجموعات السكانية الأصلية التي تقطن مناطق مناخية حسّاسة،
وعُرضة لأشدّ آثار تقلّبات المناخ.
فائدة قصوى وفقاً
للمدير العام المساعد ألكساند مولِر لدى المنظمة "فاو"، فحتى "إدارة
المناطق الزراعية الصغرى يمكنها أن تُحقق فائدةً قصوى من التقدّم الُمحرز
حديثاً في تخصصات التنبؤات المناخية".ويُدلل العديد من دراسات
الحالة على الفوائد التي تنطوي عليها استراتيجيات التكيُّف المحلية، متى
اقترنت بمعلوماتٍ مناخية موثوقة وكشرطٍ أساسي لزيادة إنتاج الأغذية، ورفع
مستويات دخل المزارعين، وتدعيم الأمن الغذائي.وجديرٌ بالذكر أن
الأنشطة التقليدية للزراعة وصيد الأسماك ورعي الماشية تستند إلى سجلٍ طويل
من المعارف والممارسات المُتعارف عليها، والتي ساعدت على ضمان توافر
الغذاء، ورعاية التنوّع الزراعي، وإتاحة موارد المعيشة، وضمان الأمن
الغذائي للمجموعات السكانية ذات الشأن، فضلاً عن صَون المَعالم القيّمة
للمناظر الطبيعية الريفية والساحلية. وفي أنحاء العالم كافة، من المُقدَّر
أن 10000 ثقافة و6900 لغة قد شكَّلت أساساً للآلاف من نُظم المعارف
التقليدية.وفي جميع الأحوال يبرُز من بين أخطر التهديدات لهذه
الُنظم التقليدية الطبيعة علاوة على عَولمة التجارة في القطاع الزراعي
والتَحرُكات السكانية والتغييرات في استخدام الأراضي والغطاء النباتي،
التأثيرات الكامنة والممكنة من جرّاء تغيُّر المناخ.وعلى هذا الضوء
فإن المعلومات والتنبؤات المناخية تكتسب أهميةً حاسمة بحق لأكثر من 2.5
مليار شخص حول العالم... يحققون دخلاً ويعتمدون أساساً في موارد معيشتهم
على الزراعة والأنشطة المُشتقة منها.